فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما كانت الثمار ألذ مستطاب بعد سائغ الشراب قال تعالى: {ولهم فيها} ولما كان أهلها متفاوين في الدرجات فلا تجمع جنان أغلبهم جميع ما في الجنة من الثمار بعض فقال: {من كل الثمرات} أي جميع أصنافها على وجه لا حاجة معه من قلة ولا انقطاع.
ولما كان العيش لا يطيب مع الأنصاف بما يوجب العتب. قال مشيرًا إلى أنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره. لأن الرتب متضائلة عن رتبته سبحانه: {ومغفرة من ربهم} أي المحسن إليهم بمحوذنوبهم السالفة أعيانها وأثارها بحيث لا يخشون لها عاقبة بعقاب.
لا عتاب وعدم بلوغهم إلى ما يحق له من الشكر سبحانه.
ولما أرشد هذا السياق إلى أن التقدير: أفمن هو في هذا النعيم الأكبر المقيم. بنى عليه قوله: {كمن هو خالد} أي مقيم إقامة لا انقطاع معها. ووحده لأن الخلود يعم من فيها على حد سواء {في النار} أي التي لا يطفأ لهيبها. لا يفك أسيرها ولا يؤنس عريبها.
ولما كان كل واحد من داخليها له سقي يخصه على حسب عمله ولا يظلم ربك أحدًا.
كان المؤثر لضرهم السقي على الكيفية التي تذكر لا كونه من ساق معين. بني للمجهول قوله مسندًا إلى ضمير الجمع قوله تعالى: {وسقوا} أي عوض ما ذكر من شراب أهل الجنة {ماء حميمًا} أي في غاية الحرارة {فقطع أمعاءهم} ويمكن أن تكون الآية من الاحتباك. وذلك أنه تعالى لما قدم أن المؤمنين في جنات تجري من تحتها الأنهار. وأن الكافرين مأواهم النار. وكان التقدير إنكاره على من لم يرتدع للزواجر تنبيهًا على أن عمله عمل من يسوي بين الجنة والنار لأن كون النار جزاء لمثله والجنة جزاء المؤمن صار في حد لا يسوغ إنكاره: أمثل الجنة الموصوفة كمثل النار. ومن هو خالد في الجنة كمن هو خالد في النار- والله الموفق للصواب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قوله تعالى: {مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون}.
لما بيّن الفرق بين الفريقين في الاهتداء والضلال بيّن الفرق بينهما في مرجعهما ومالهما. وكما قدم من على البينة في الذكر على من اتبع هواه. قدم حاله في ماله على حال من هو بخلاف حاله. وفي التفسير مسائل:
المسألة الأولى:
قوله تعالى: {مَّثَلُ الجنة} يستدعي أمرًا يمثل به فما هو؟ نقول فيه وجوه: الأول: قول سيبويه حيث قال المثل هو الوصف معناه وصف الجنة. وذلك لا يقتضي ممثلًا به. وعلى هذا ففيه احتمالأن أحدهما: أن يكون الخبر محذوفًا ويكون {مَّثَلُ الجنة} مبتدأ تقديره فيما قصصناه مثل الجنة. ثم يستأنف ويقول: {فِيهَا أَنْهَارٌ}. وكذلك القول في سورة الرعد يكون قوله تعالى: {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} [الرعد: 35] ابتداء بيان والاحتمال الثاني: أن يكون فيها أنهار وقوله: {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا} خبرًا كما يقال صف لي زيدًا. فيقول القائل: زيد أحمر قصير. والقول الثاني: أن المثل زيادة والتقدير: الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار.
الوجه الثاني: ههنا الممثل به محذوف غير مذكور وهو يحتمل قولين أحدهما: قال الزجاج حيث قال: {مَّثَلُ الجنة} جنة تجري {فِيهَا أَنْهَارٌ} كما يقال مثل زيد رجل طويل أسمر فيذكر عين صفات زيد في رجل منكر لا يكون هو في الحقيقة إلا زيدًا الثاني: من القولين هو أن يقال معناه {مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون} مثل عجيب. أوشيء عظيم أو مثل ذلك. وعلى هذا يكون قوله: {فِيهَا أَنْهَارٌ} كلامًا مستأنفًا محققًا لقولنا مثل عجيب الوجه الثالث: الممثل به مذكور وهو قول الزمخشري حيث قال: {كَمَنْ هو خالد في النار} مشبه به على طريقة الأنكار. وحينئذ فهذا كقول القائل حركات زيد أوأخلاقه كعمرو. وكذلك على أحد التأويلين. إما على تأويل كحركات عمروأو على تأويل زيد في حركاته كعمر. وكذلك على أحد التأويلين. إما على تأويل كحركات عمروأو على تأويل زيد في حركاته كعمر. وكذلك ههنا كأنه تعالى قال: مثل الجنة كمن هو خالد في النار. وهذا أقصى ما يمكن أن يقرر به قول الزمخشري. وعلى هذا فقوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ} وما بعد هذا جمل اعتراضية وقعت بين المبتدأ والخبر كما يقال نظير زيد فيه مروءة وعنده علم وله أصل عمرو.
ثم قال تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاء غَيْرِ ءاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وأنهار مّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ للشاربين وأنهار مّنْ عَسَلٍ مُّصَفّىً}.
اختار الأنهار من الأجناس الأربعة. وذلك لأن المشروب إما أن يشرب لطعمه. وإما أن يشرب لأمر غير عائد إلى الطعم. فإن كان للطعم فالطعوم تسعة: المر والمالح والحريف والحامض والعفص والقابض والتفه والحلو والدسم ألذها الحلو والدسم. لكن أحلى الأشيئاء العسل فذكره وأما أدسم الأشيئاء فالدهن. لكن الدسومة إذا تمحضت لا تطيب للأكل ولا للشرب. فإن الدهن لا يؤكل ولا يشرب كما هو في الغالب. وأما اللبن فيه الدسم الكائن في غيره وهو طيب للأكل وبه تغذية الحيوان أولا فذكره الله تعالى. وأما ما يشرب لا لأمر عائد إلى الطعم فالماء والخمر فإن الخمر فيها أمر يشربها الشارب لأجله. هي كريهة الطعم باتفاق من يشربها وحصو ل التواتر به ثم عرى كل واحد من الأشيئاء الأربعة عن صفات النقص التي هي فيها وتتغير بها الدنيا فالماء يتغير يقال أسن الماء يأسن على وزن أمن يأمن فهو آسن وأسن اللبن إذا بقي زمانًا تغير طعمه. والخمر يكرهه الشارب عند الشرب. والعسل يشوبه أجزاء من الشمع ومن النحل يموت فيه كثيرًا. ثم إن الله تعالى خلط الجنسين فذكر الماء الذي يشرب لا للطعم وهو عام الشرب. وقرن به اللبن الذي يشرب لطعمه وهو عام الشرب إذ ما من أحد إلا وكان شربه اللبن. ثم ذكر الخمر الذي يشرب لا للطعم وهو قليل الشرب. وقرن به العسل الذي يشرب للطعم وهو قليل الشرب. فإن قيل العسل لا يشرب. نقول شراب الجلاب لم يكن إلا من العسل والسكر قريب الزمان. ألا ترى أن السكنجبين من (سركه وانكبين) وهو الخل والعسل بالفارسية كما أن استخراجه كان أولا من الخل والعسل ولم يعرف السكر إلا في زمان متأخر. ولأن العسل اسم يطلق على غير عسل النحل حتى يقال عسل النحل للتمييز. والله أعلم.
المسألة الثانية:
قال في الخمر {لَّذَّةٍ للشاربين} ولم يقل في اللبن لم يتغير طعمه للطاعمين ولا قال في العسل مصفى للناظرين لأن اللذة تختلف باختلاف الأشخاص فرب طعام يلتذ به شخص ويعافه الآخر. فقال: {لَّذَّةٍ للشاربين} بأسرهم ولأن الخمر كريهة الطعم فقال: {لَذَّةٍ} أي لا يكون في خمر الآخرة كراهة الطعم. وأما الطعم واللون فلا يختلفان باختلاف الناس. فإن الحلو والحامض وغيرهما يدركه كل أحد كذلك. لكنه قد يعافه بعض الناس ويلتذ به البعض مع اتفاقهم على أن له طعمًا واحدًا وكذلك اللون فلم يكن إلى التصريح بالتعميم حاجة. وقوله: {لَذَّةٍ} يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون تأنيث لذ يقال طعام لذ ولذيذ وأطعمة لذة ولذيذة وثانيهما: أن يكون ذلك وصفًا بنفس المعنى لا بالمشتق منه كما يقال للحليم هو حلم كله وللعاقل كله.
ثم قال تعالى: {ولهُمْ فِيهَا مِن كُلّ الثمرات وَمَغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ}.
بعد ذكر المشروب أشار إلى المأكو ل. ولما كان في الجنة الأكل للذة لا للحاجة ذكر الثمار فإنها تؤكل للذة بخلاف الخبز واللحم. وهذا كقوله تعالى في سورة الرعد.
{مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار أُكُلُهَا دَائِمٌ وِظِلُّهَا} [الرعد: 35] حيث أشار إلى المأكو ل والمشروب. وههنا لطيفة وهي أنه تعالى قال فيها {وِظِلُّهَا} ولم يقل ههنا ذلك. نقول قال ههنا {وَمَغْفِرَةٌ} والظل فيه معنى الستر والمغفرة كذلك. ولأن المغفور تحت نظر من رحمة الغافر يقال نحن تحت ظل الأمير. وظلها هو رحمة الله ومغفرته حيث لا يمسهم حر ولا برد.
المسألة الثالثة:
المتقي لا يدخل الجنة إلا بعد المغفرة فكيف يكون لهم فيها مغفرة؟ فنقول الجواب عنه من وجهين: الأول: ليس بلازم أن يكون المعنى لهم مغفرة من ربهم فيها. بل يكون عطفًا على قوله (لهم) كأنه تعالى قال لهم الثمرات فيها ولهم المغفرة قبل دخولها والثاني: هو أن يكون المعنى لهم فيها مغفرة أي رفع التكليف عنهم فيأكلون من غير حساب بخلاف الدنيا فإن الثمار فيها على حساب أو عقاب. ووجه آخر وهو أن الاكل في الدنيا لا يخلوعن استنتاج قبيح أو مكروه كمرض أوحاجة إلى تبرز. فقال: {ولهُمْ فِيهَا مِن كُلّ الثمرات وَمَغْفِرَةٌ} لا قبيح على الاكل بل مستور القبائح مغفور. وهذا استفدته من المعلمين في بلادنا فإنهم يعودون الصبيان بأن يقولون وقت حاجتهم إلى إراقة البو ل وغيره: يا معلم غفر الله لك. فيفهم المعلم أنهم يطلبون الإذن في الخروج لقضاء الحاجة فيأذن لهم. فقلت في نفسي معناه هو أن الله تعالى في الجنة غفر لمن أكل. وأما في الدنيا. فلان للأكل توابع ولوازم لابد منها فيفهم من قولهم حاجتهم.
ثم قال تعالى: {كَمَنْ هو خالد في النار وَسُقُواْ مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ} وفيه أيضًا مسائل:
المسألة الأولى:
على قول من قال: {مَّثَلُ الجنة} معناه وصف الجنة فقوله: {كَمَنْ هو} بماذا يتعلق؟ نقول قوله: {لَّهُمْ فِيهَا مِن كُلّ الثمرات} يتضمن كونهم فيها فكأنه قال هو فيها كمن هو خالد في النار. فالمشبه يكون محذوفًا مدلولا عليه بما سبق. ويحتمل أن يقال ما قيل في تقرير قول الزمخشري أن المراد هذه الجنة التي مثلها ما ذكرنا كمقام من هو خالد في النار.
المسألة الثانية:
قال الزجاج قوله تعالى: {كَمَنْ هو خالد في النار} راجع إلى ما تقدم كأنه تعالى قال: أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار فهل هو صحيح أم لا؟ نقول لنا نظر إلى اللفظ فيمكن تصحيحه بتعسف ونظر إلى المعنى لا يصح إلا بأن يعود إلى ما ذكرناه. أما التصحيح فبحذف كمن في المرة الثانية أوجعله بدلًا عن المتقدم أوبإضمار عاطف يعطف {كَمَنْ هو خالد} على {كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ} أو {كَمَنْ هو خالد في النار}. وأما التعسف فبيّن نظرًا إلى الحذف وإلى الإضمار مع الفاصل الطويل بين المشبه والمشبه به. وأما طريقة البدل ففاسدة وإلا لكان الاعتماد على الثاني فيكون كأنه قال: أفمن كان على بينة كمن هو خالد؟ وهو سمج في التشبيه تعالى كلام الله عن ذلك. والقول في إضمار العاطف كذلك لأن المعطوف أيضًا يصير مستقلًا في التشبيه. اللّهم إلا أن يقال المجموع بالمجموع كأنه يقول: أفمن كان على بينة من ربه. وهو في الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار. كمن زين له سوء عمله وهو خالد في النار. وعلى هذا تقع المقابلة بين من هو على بينة من ربه. وبين من زين له سوء عمله. وبين من في الجنة وبين من هو خالد في النار. وقد ذكرناه فلا حاجة إلى خلط الآية بالآية. وكيف وعلى ما قاله تقع المقابلة بين من هو في النار وسقوا ماءً حميمًا وبين من هو على بينة من ربه وأية مناسبة بينهما. بخلاف ما ذكرناه من الوجوه الآخر فإن المقابلة بين الجنة التي فيها الأنهار وبين النار التي فيها الماء الحميم وذلك تشبيه إنكار مناسب.
المسألة الثالثة:
قال: {كَمَنْ هو خالد} حملًا على اللفظ الواحد وقال: {وَسُقُواْ مَاء حَمِيمًا} على المعنى وهو جمع وكذلك قال من قبل {كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ} [محمد: 14] على التوحيد والإفراد {واتبعوا أَهواءهُمْ} على الجمع فما الوجه فيه؟ نقول المسند إلى من إذا كان متصلًا فرعاية اللفظ أولى لأنه هو المسموع. إذا كان مع انفصال فالعود إلى المعنى أولا. لأن اللفظ لا يبقى في السمع. والمعنى يبقى في ذهن السامع فالحمل في الثاني على المعنى أولى وحمل الأول على اللفظ أولى. فإن قيل كيف قال في سائر المواضع {مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صالحا} [سبأ: 37] و{فَمَن تَابَ} {وَأَصْلَحَ} [المائدة: 39]؟ نقول إذا كان المعطوف مفردًا أوشبيهًا بالمعطوف عليه في المعنى فالأولى أن يختلفا كما ذكرت فإنه عطف مفرد على مفرد وكذلك لوقال: كمن هو خالد في النار ومعذب فيها لأن المشابهة تنافي المخالفة. وأما إذا لم يكن كذلك كما في هذا الموضع. فإن قوله: {سُقُواْ مَاء} جملة غير مشابهة لقوله: {هوخالد} وقوله تعالى: {وَسُقُواْ مَاء حَمِيمًا} بيان لمخالفتهم في سائر أحوال أهل الجنة فلهم أنهار من ماء غير آسن. ولهم ماء حميم. فإن قيل المشابهة الإنكارية بالمخالفة على ما ثبت. وقد ذكرت البعض وقلت بأن قوله: {على بَيّنَةٍ} في مقابلة {زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ} و{مّن رَّبّهِ} في مقابلة قوله: {واتبعوا أَهواءهُمْ} والجنة في مقابلة النار في قوله: {خالد في النار} والماء الحميم في مقابلة الأنهار. فأين ما يقابل قوله: {ولهُمْ فِيهَا مِن كُلّ الثمرات وَمَغْفِرَةٌ} فنقول تقطع الأمعاء في مقابلة مغفرة لأنا بينا على أحد الوجوه أن المغفرة التي في الجنة هي تعرية أكل الثمرات عما يلزمه من قضاء الحاجة والأمراض وغيرها. كأنه قال: للمؤمن أكل وشرب مطهر طاهر لا يجتمع في جوفهم فيؤذيهم ويحوجهم إلى قضاء حاجة. وللكافر ماء حميم في أول ما يصل إلى جوفهم يقطع أمعاءهم ويشتهون خروجه من جوفهم. وأما الثمار فلم يذكر مقابلها. لأن في الجنة زيادة مذكورة فحققها بذكر أمر زايد.
المسألة الرابعة:
الماء الحار يقطع أمعاءهم لأمر آخر غير الحرارة. وهي الحدة التي تكون في السموم المدوفة. وإلا فمجرد الحرارة لا يقطع. فإن قيل قوله تعالى: {فَقَطَّعَ} بالفاء يقتضي أن يكون القطع بما ذكر. نقول نعم. لكنه لا يقتضي أن يقال: يقطع. لأنه ماء حميم فحسب. بل ماء حميم مخصوص يقطع. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون}.
لما قال عز وجل: {إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمنوا وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَاتٍ} وصف تلك الجنات. أي صفة الجنة المعدّة للمتقين.
وقد مضى الكلام في هذا في (الرعد).
وقرأ علي بن أبي طالب {مِثَالُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}.
{فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسن} أي غير متغير الرائحة.
والاسِن من الماء مثل الاجِن.
وقد أسن الماء يأسن ويأسِن (أسْنًا و) أُسُونًا إذا تغيّرت رائحته.
وكذلك أجَن الماء يأجُن ويأجِن أجْنًا وأُجُونًا.
ويقال بالكسر فيهما: أجِن وأسِن يأسن ويأجن أسْنًا وأجْنًا؛ قاله اليزيدي.
وأسِن الرجل أيضًا يأسَن (بالكسر لا غير) إذا دخل البئر فأصابته ريح منتِنة من ريح البئر أو غير ذلك فغشِي عليه أودار رأسُه؛ قال زُهير:
قد أترك القِرن مُصْفَرًّا أنامله ** يَميد في الرُّمح مَيد المائح الأسِن

ويروى (الوسن).
وتأسّن الماء تغيّر.
أبوزيد: تأسّن عليّ تأسّنًا اعتل وأبطأ.